/ الفَائِدَةُ : (63) و (64) /

23/03/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / معاني: الفاعل الإِبْدَاعي والإِبْدَاع / إِنَّ للفاعل الإبْدَاعي والإِبْدَاع معان عِدَّة، ينبغي التَّفطُّن إِليها؛ كيما لا يقع الخلط والْاِلْتِبَاس لدى الباحث في أَبواب المعارف(1)، منها: 1ـ المُوجِد للشيء لا من شيء(2). 2ـ المبتكر لا على حذو مثال(3). 3ـ عَالَم المُجرَّدات عن: الجسم، والمقدار، والزمان، والمكان، والمادَّة الجسمانيَّة، وهو ما يُعبَّر عنه بـ: (عَالَم الدَّهر). 4ـ الإيجاد لا من شيء ولا علىٰ حذو مثال وشيء. وهذا المعنىٰ قد ركَّزت عليه بيانات أَهل البيت عليهم السلام كثيراً وفي موارد عديدة(4). وبالجملة: عنوان: (الإِبْدَاع) الوارد في بيانات الوحي والأَبحاث المعرفيَّة يُستعمل تارة ويُراد منه عوالم المجرَّدات ومخلوقاتها، ويُستعمل أُخرىٰ ويُراد منه عوالم الأَجسام اللَّطِيْفَة ومخلوقاتها. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) من مهارة البحث المعرفي: يقظة الباحث وتفطُّنه لتعدُّد وجوه ومعاني المعارف ومصطلحاتها. (2) أمَّا المُوْجِد للشيء من شيء فليس بفاعل إِبْدَاعيّ، ولا إِبْدَاع وإِنْ كان فعلاً إِلهيّاً، بل تخليق. (3) وهذا هو المعنىٰ اللُّغوي، والمُسْتَعْمَل في العرف العام. (4) على هذا المعنى وكذا الأَوَّل والثَّاني يصحُّ إِطلاق عنوان (الإبداع) على خلق العوالم الجسمانيَّة ـ كالسَّماوات والأَرضين ـ بخلاف الثالث. فعلى المعنى الأَوَّل يكون الباري سبحانه وتعالى بديع السَّماوات والأَرض؛ لأَنَّهما لم تُخلق من مادَّة، وكذا المعنى الثَّاني؛ فإِنَّها خُلقت لا على نحو مثال، وعليهما قس الرَّابع ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ / الفَائِدَةُ : (64) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. /الْخَلْطُ بين الفاعل بالْآلةِ والفاعل بالتَّجَلِّي/ هناك خَلْطٌ حصل لدىٰ البعض بين الفاعل بالْآلةِ ـ كحال عزرائيل وإسرافيل وجندهما عليهم السلام ـ ، والفاعل بالتَّجلِّي ـ كحال الباري المُسَمَّىٰ (تعالىٰ ذكره) ، والأَسماء والصفات الإِلٰهيَّة ؛ طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ـ وحكم بالوحدة . والحقُّ : أَنَّ بينهما فرق وبون شاسع ؛ فإِنَّ الفاعل بالْآلةِ نَاقِصٌ ؛ لاِحْتِيَاجِه إِلى حركةٍ ، وقرب وبُعْد ، ومُوازاةٍ ، ومباشرةٍ ومعالجةٍ . بخلاف الفاعل بالتَّجلِّي ؛ فإِنَّه أَكمل أَنواع الفاعل ، ولا نقص فيه ؛ ومن ثَمَّ لا يحتاج إِلى جملة ذلك . وإِلى هذا تُشير بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ في ردِّه على سؤال الزنديق : «... فما هو ؟ قال أَبو عبداللَّـه عليه السلام : هو الرَّبُّ ، وهو المَعْبُود ، وهو اللَّـهُ ... قال السَّائلُ : فيُعاني الأَشياء بنفسه ؟ قال أَبو عبداللَّـه عليه السلام : هو أَجَّلُّ من أَنْ يُعَانِيَ الأَشياء بمباشرةٍ ومعالجةٍ ؛ لأَنَّ ذلك صِفَةُ المخلوق الَّذي لا تجِيءُ الأَشياءُ له إِلَّا بالمباشرةِ والمعالجةِ ، وهو مُتعَالٍ نافِذُ الإِرادة والمشِيئَة ، فَعَّالٌ لِـمَا يَشاءُ » (1) . ودلالته واضحة . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أُصول الكافي، 1: 59ـ 61/ح6